responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 441
الْآيَةِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا تَعَلُّقٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَانْقَطَعَ النَّظْمُ، وَحَصَلَ فَسَادُ التَّرْتِيبِ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِكَلَامِ اللَّه تَعَالَى، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ سِوَى هَذَا الْوَجْهِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى كَوْنَ الْقُرْآنِ بَصَائِرَ وَهُدًى وَرَحْمَةً، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ معجزة دالة على صدق محمد عليه الصلاة وَالسَّلَامُ، وَكَوْنُهُ كَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ إِلَّا بِشَرْطٍ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أُولَئِكَ الْكُفَّارِ اسْتَمَعُوا لَهُ وَأَنْصَتُوا حَتَّى يَقِفُوا عَلَى فَصَاحَتِهِ، وَيُحِيطُوا بِمَا فِيهِ مِنَ الْعُلُومِ الْكَثِيرَةِ، فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ لَهُمْ كَوْنُهُ مُعْجِزًا دَالًّا عَلَى صِدْقِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَسْتَعِينُوا بِهَذَا الْقُرْآنِ عَلَى طَلَبِ سَائِرِ الْمُعْجِزَاتِ، وَيَظْهَرُ لَهُمْ صِدْقُ قَوْلِهِ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: أَنَّهُ بَصَائِرُ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَثَبَتَ أَنَّا إِذَا حَمَلْنَا الْآيَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اسْتَقَامَ النَّظْمُ وَحَصَلَ التَّرْتِيبُ الْحَسَنُ الْمُفِيدُ، وَلَوْ حَمَلْنَا الْآيَةَ عَلَى مَنْعِ الْمَأْمُومِ مِنَ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَسَدَ النَّظْمُ وَاخْتَلَّ التَّرْتِيبُ، فَثَبَتَ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ خِطَابٌ مَعَ الْكُفَّارِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الرَّسُولِ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ/ بِكَوْنِهِ مُعْجِزًا عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتِهِ، وَعِنْدَ هَذَا يَسْقُطُ اسْتِدْلَالُ الْخُصُومِ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَمِمَّا يُقَوِّي أَنَّ حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، وُجُوهٌ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فُصِّلَتْ: 26] فَلَمَّا حَكَى عَنْهُمْ ذَلِكَ نَاسَبَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالِاسْتِمَاعِ وَالسُّكُوتِ، حَتَّى يُمْكِنَهُمُ الْوُقُوفُ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْوُجُوهِ الْكَثِيرَةِ الْبَالِغَةِ إِلَى حَدِّ الْإِعْجَازِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ: هَذَا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فَحَكَمَ تَعَالَى بِكَوْنِ هَذَا الْقُرْآنِ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَلَوْ كَانَ الْمُخَاطَبُونَ بِقَوْلِهِ: فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ لَمَا قَالَ: لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ لِأَنَّهُ جَزَمَ تَعَالَى قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ بِكَوْنِ الْقُرْآنِ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ قَطْعًا فَكَيْفَ يَقُولُ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ لَعَلَّ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ يَكُونُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ؟ أَمَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ:
فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا هُمُ الْكَافِرُونَ، صَحَّ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ: لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا فَلَعَلَّكُمْ تَطَّلِعُونَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ، فَتُؤْمِنُوا بِالرَّسُولِ فَتَصِيرُوا مَرْحُومِينَ، فَثَبَتَ أَنَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ حَسُنَ قَوْلُهُ: لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَلَوْ قُلْنَا إِنَّ الْخِطَابَ خِطَابٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَحْسُنْ ذِكْرُ لَفْظِ «لَعَلَّ» فِيهِ.
فَثَبَتَ أَنَّ حَمْلَ الْآيَةِ عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ اسْتِدْلَالُ الْخَصْمِ بِهِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، لِأَنَّا بَيَّنَّا بِالدَّلِيلِ أَنَّ هَذَا الْخِطَابَ مَا يَتَنَاوَلُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّمَا تَنَاوَلَ الْكُفَّارَ فِي أَوَّلِ زَمَانِ تَبْلِيغِ الوحي والدعوة.

[سورة الأعراف (7) : آية 205]
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (205)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: [في أن الْآيَةُ جَارِيَةً مَجْرَى أَمْرِ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى القوم بصوت عال رفيع] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا [الْأَعْرَافِ: 204] اعْلَمْ أَنَّ قَارِئًا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِصَوْتٍ عَالٍ حَتَّى يُمْكِنَهُمُ اسْتِمَاعُ الْقُرْآنَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ الْقَارِئَ لَيْسَ إِلَّا الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَارِيَةً مَجْرَى أَمْرِ اللَّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى الْقَوْمِ بِصَوْتٍ عَالٍ رَفِيعٍ،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 441
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست